2014/08/10

أصل الإخشيديون وبداية تأسيس الدولة الإخشيدية فى مصر

الإخشيديون، بنو إخشيد، هم سلالة تركية مستعربة حكمت في مصر والشام فى الفترة ( 323هـ 935م - 358هـ 969م )، ومقر حكمهم الفسطاط.

تنحدر هذه الأسرة من أحد القادة العسكريين الصغد في فرغانة (اليوم طاجكستان). أسس الأسرة محمد بن طغج (935-946 م) والذي تولي سنة 930 م ولاية الشام من قبل العباسيين، ثم أصبح سنة 933 م واليا على مصر. استقل بالأمر منذ سنة 39/935 م. كلفهم العباسيون بعدها بمحاربة الفاطميين. تلقب سنة 938 بـ"الإخشيد" (من ألقاب السلاطين لدى الصغد).
و تُعتَبر الدولة الإخْشيدية هي المحاولة الاستقلاليَّة الثانية الناجحة في تاريخ مصر الإسلاميَّة، وقد سميت هذه الدولة بهذا الاسم نسبةً إلى مُؤسِّسها أبي بكر محمد بن طغج الإخْشيد.

تُنسَب الدولة الإخْشيديَّة إلى مُؤسِّسها محمد بن طغج بن جف الإخْشيد، والإخْشيد هو لقبٌ منَحَه الخليفة العباسي الراضي لمحمد بن طغج سنة 326هـ، وكان محمد بن طغج قد كتَب إلى الراضي يسأله أنْ يُلقَّب بالإخْشيد، وقال في كتابه: "وقد كنَّى أمير المؤمنين جماعة، ولقَّبهم، فليبشرني بما سألت"، فاستفسر الراضي عن معنى الإخْشيد، فقيل له: إنَّ تفسيره عبد دعي "ملك الملوك"، فقال الراضي: لا تبخَلْ عليه بهذا، اكتُبوا له بذلك، وفي ذلك يقول الكندي: "وورد الكتاب بالزيادة في اسم الأمير محمد بن طغج بلقب الإخْشيد، ودُعِي له بذلك على المنبر في شهر رمضان سنة سبعٍ وعشرين وثلاثمائة".
وكان جف جدُّ الإخْشيد قد التحَقَ بخدمة الخليفة العباسي المعتصِم، وظلَّ في خِدمة العباسيين إلى أنْ توفى في بغداد في الليلة التي قتل فيها المتوكل سنة 247هـ/861م.
أمَّا طغج والد الإخْشيد، فقد التحَقَ بخِدمة أحمد بن طولون، وأبدَى كفاءةً عالية جعلَتْه يثقُ فيه، ويولِّيه بعض المناصب المهمَّة في دولته، وعندما تُوفِّي ابن طولون وتولَّى ابنه خمارويه عين طغج واليًا على طبريَّة ودمشق، ويُروى أنَّه كان مع خمارويه في قصره ليلة قتْله، وأنَّه سارَع بالقبض على القتَلَة، وأمر بذبحهم.

وعندما أرسل الخليفة العباسي المكتفي بالله محمد بن سليمان ليَقضِي على الطولونيين انضمَّ إليه طغج، وشارَكَه في القضاء عليهم، ثم عاد محمد بن سليمان إلى بغداد، وفي صُحبته طغج بن جف الذي انتقل - ومعه ولداه: محمد وعبيدالله - إلى خِدمة البلاط العباسي، ولكنَّه لم ينعم بالعيشة هناك، فقد كاد له الوزير "العباس بن الحسن" عند الخليفة بأنَّه ما زال على إخلاصه للطولونيين، حتى أمر الخليفة بحبسه ومعه ولداه، فظلُّوا في السجن إلى أنْ تُوفِّي طغج سنة 294هـ، وأطلق سراح ولديه.
أمَّا محمد بن طغج الإخْشيدي، فقد خرج من بغداد إلى الشام، والتحَقَ بخدمة أحمد بن بسطام والي خَراج الشام، وعندما انتقل إلى مصر، وتقلَّد ولاية خراجها، صحب معه الإخْشيد إلى أنْ تُوفِّي ابن بسطام عام 297هـ، وخلفه ابنه علي بن أحمد بن بسطام على خراج مصر، فظلَّ الإخْشيد في خدمته ، وظل يعمل معه حتى عزل عن خراج البلاد سنة (300 هـ ، 912م) وبقي في مصر لم يغادرها واتصل بواليها "تكين"، وعمل معه في صفوف جيشه، وبدأ في الظهور والتألق، فاشترك معه في صد هجمات الفاطميين، في المغرب التي كانت تتطلع إلى مصر لضمها إليها وانتزاعها من الدولة العباسية، ورشحته كفاءته لتولي المناصب القيادية، فتولى إدارة مدينة الإسكندرية سنة (307هـ ، 919)، وأظهر مهارة وقدرة في إدارتها والدفاع عنها جعلت الخليفة العباسي المقتدر بالله يعهد إليه بإدارة الرملة بفلسطين سنة (316 هـ ، 928م)، ثم بولاية دمشق سنة (319هـ ، 931)، ثم أضاف إليه الخليفة العباسي "القاهر بالله" ولاية مصر سنة (321هـ ، 933) لكنه لم يذهب إليها بسبب الفتن التي كانت تعصف بها.
 
بداية الدولة الإخشيدية
لم يجد الخليفة العباسي الراضي بالله خيرًا من محمد بن طغج ليوليه مصر، ويعيد إليها الأمن والسلام، وقمع فيها الفتن والثورات، فعهد إليه بها سنة (323هـ ، 935) واستعد ابن طغج لما أسند إليه، وتجهز للأمر وأعد عدته، والأمر ليس هينًا بعد أن وقف في وجهه أحمد بن كيفلج والي مصر السابق، ومحمد بن علي الماذرائي عامل الخراج، وحالا بينه وبين تولي مقاليد الأمور، فلجأ ابن طغج إلى سلاح القوة والبطش فتسلح بهما، واتجه إلى مصر على رأس حملة عسكرية برية، ترافقه حملة بحرية نجحت في الاستيلاء على ثغور مصر في دمياط، وسارت في النيل حتى بلغت "سمنود"، وهناك التقت بسفن ابن كيفلج والماذرائي وألحقت بهما هزيمة ساحقة في (شعبان 323هـ ، يوليو 935)، وواصلت سيرها حتى بلغت جزيرة الروضة بالقاهرة، وفي أثناء ذلك كانت قوات ابن طغج البرية قد نجحت في فتح مدينة الفسطاط في (رمضان 323هـ ، أغسطس 935م).
وما كادت أقدامه تستقر في عاصمة البلاد حتى بدأ في تثبيت نفوذه، والضرب بشدة على الخارجين على النظام، والقضاء على القلاقل التي يثيرها أنصار الحاكم السابق، والعمل على صد هجمات الفاطميين الذين لم ييئسوا في ملاحقته بحملاتهم العسكرية المتكررة، وقد أدت جهوده إلى استقرار الأوضاع في مصر، وتلقيب الخليفة له بلقب الإخشيد، وهو لقب كان يطلق على ملوك فرغانة، وهي إحدى بلاد ما وراء النهر التي تتاخم بلاد التركستان، ويعني هذا اللقب باللغة التركية "ملك الملوك".

No comments:

Post a Comment